فن نشر السعادة
كل إنسان يتمنى أن يكون سعيدا ويعيش سعيدا ويسمع أخباراً سعيدة ولكن بعض الناس
لا يقول ما يسر بل يتفنن في نشر النكد والهم والغم ومن الصباح الباكر يعطيك
وجبة مركزة من الغموم فيشكي أنه لم ينم جيدا وكان الرضيع مسخن والخادمة تريد
أن تسافر وواحد تجاوزه بسرعة مخيفة وهو يسوق سيارته وأسنانه تؤلمه وهو خائف من
الطبيب وقسط السيارة لم يدفعه وقائمة طويلة مملة من الأخبار والشكاوى وبعد قليل
تكون أنت المسكين قد تشبعت بقدر كافٍ يستمر معك طيلة اليوم فيشوش على ذهنك
وتفكيرك وإنتاجك وبالتالي تصبح قطاراً متحركاً بتلك المشاعر السلبية التي
ستنشرها على من حولك كأشعة الشمس وهذا الأمر – نشر الكآبة- قد نقع فيه دون أن
نشعر ولكن هل نستطيع أن نفعل العكس ؟ كما فعل ذلك المريض في المستشفى حيث كان
هناك مريضان يرقدان في غرفة أحدهما قرب النافذة والثاني بعيدا عنها , وكان
المريض القريب من النافذة يصف للبعيد ما يراه من مناظر جميلة ومشاهد خلابة من
أشجار وورود وزهور وزوار يسلمون على بعضهم البعض بكل حب وشوق وكيف غمرت
الابتسامة وجوههم وعلت محياهم ؟ , وهكذا استمر الحال عدة أيام إلى أن مات
المريض القريب من النافذة وبعد نقل الجثة طلب المريض الثاني أن ينتقل للسرير
القريب من النافذة ليتمتع بكل ما سمع جعله يشتاق لرؤيته فلبى الممرضون الطلب
ونقلوه وبعد ثوان من استقراره على السرير نظر من النافذة فلم يشاهد إلا الجدار
فطلب الممرضين وسألهم أين الحديقة والساحة وكل ما سمعه سابقا فكانت الإجابة
كالصاعقة : لا يوجد أمامك إلا الجدار المطل على الممر , فتبسم الرجل وترحم على
رفيقه في الغرفة , هل عرفتم سر الابتسامة , إنه فن إدخال السرور على الآخرين
وخصوصا عندما تسوء الظروف وتصعب المواقف ويعم اليأس وينتشر الظلام , فهل نجيد
هذا الفن ؟ ونسعى لتعلمه وتعليمه ونشره بين المجتمع آمل ذلك .
بقلم د/ محمد بن الغازي الطيب