عرض مشاركة واحدة
قديم 03-28-2011, 09:09 PM   رقم المشاركة : [3]
mẨřЎặm..εïз
المشرفين
الصورة الرمزية mẨřЎặm..εïз
 

معلومات اضافية
الجنس :
الدولة :
المزاج :

My MMS
افتراضي

:
:
2. الحزن


هو إحساس بالقلق و الندم يسيطر على نفس الإنسان حين يفكر في التجارب التي عاشها في ماضيه

و لم يتمكن من تحقيق الأهداف المأمولة منها،

كالتفريط في متابعة الدراسة لتحصيل شواهد علمية عالية أو تضييع فرصة حيازة أراضي و عقارات كان في المتناول امتلاكها،

و أبلغ مثال على ذلك نستقيه من نفس الغزوة الغنية بالفوائد و هي معركة أُحد التي خاطب الله فيها عباده المنهزمين

بعبارات المواساة قائلا : ((لكيلا تحزنوا على ما فاتكم و لا ما أصابكم))،

إن هذه الآية تجسد روعة التحليل النفسي الرباني الذي شخص بدقة حجم الصدمة النفسية التي هزت قلوب المسلمين

حين أدركوا بعد نهاية الحرب أنهم ضيعوا فرصة النصر فحزنوا على ما أصابهم من الهزيمة و ما فاتهم من الفوز بالغنيمة،

و جدير بالذكر في هذا السياق أن أصعب شيء يشق على الإنسان احتماله هو أن يرى بأم عينه

الثروة التي كان سيغنمها تتبخر من بين يديه و هو لا يملك إلى ردها سبيلا فقد يصاب من جراء ذلك بالجنون،

لكن الله جل علاه عالج أحزان الصحابة وواساهم بالقرآن الكريم قائلا :
((لكي لا تحزنوا على ما فاتكم و لا ما أصابكم))

و كأنه سبحانه يبشرهم بأن كل ما ضاع سيعوض و أن قتلاهم في الجنة و جرحاهم بعد شفائهم سيزدادون قوة،

و أن أعظم شيء لم يخسروه و حري بهم الفرح لبقائه هو الدم الذي لا زال حياً جارياً متدفقاً في شرايين جيشهم

و هو محمد صلّى الله عليه و سلّم الذي نَجى بفضل الله و عنايته من محاولة القتل التي نفذها أعداء رب العالمين

و خصوم عباده الصالحين.

إن السبب الأعظم في شعور الإنسان بداء الحزن هو وقوعه في شدة تُفقده خيراً كان يتمتع به أو كان على وشك الفوز به

و دواء هذا الداء هو الصبر على المصاب و توقع العوض من الله تعالى،

إلا أن حالنا نحن المسلمين اليوم حين يبتلينا ربنا ببعض المشاكل و الأوجاع و الأسقام تجدنا نشكو لأحبابنا و أصحابنا

معاناتنا و مكابدتنا لهذه الخطوب، و لو علمنا أن خالقنا جل و علا ما كتب علينا هذه الشدائد إلا ليطهرنا

من وحل ذنوبنا لما تجرأنا على الشكوى و لما حزنا و لا تأسفنا، بل لرأيتنا من الصابرين على لوعة البلاء و لاحتسبنا

الأضرار التي لحقت بنا عند أعظم العظماء و أكرم الكرماء موقنين بأنه سبحانه سيخلف علينا بدلا عمّا


خسرناه في شدتنا خيراً كثيراً، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم عن أم سلمة قالت :
سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول :
« ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به ? إنا لله و إنا إليه راجعون ? اللهم أجرني
في مصيبتي و أخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها »، إن راوية الحديث رضي الله عنها
تتابع قائلة لقد مات زوجي أبو سلمة فقلت :
أي المسلمين خير من أبي سلمة، فبيته هو أول بيت هاجر إلى النبي صلّى الله عليه و سلّم،

و بعد هذا المصاب أخلف الله عليها بزوج خيراً من زوجها

و هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

إن من يصبر دون أن يحزن على مصيبته التي حلت به و يقول ? إنا لله و إنا إليه راجعون ? يفرحه الله فرحتان،

فرحة في الدنيا حين يعوضه بنعمة أعظم من التي حُرم منها و فرحة في الآخرة بأن يدخله الجنة،

فقد قال النبي صلّى الله عليه و سلّم في هذا السياق لرجل مات ابنه:

« ألا تحب أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك » رواه أحمد و النسائي،

فهنيئاً لكل مصاب و طوبا لكل منكوب و صدق الله حين قال :
? و لنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ? (النحل : 96)،
و إمعاناً من أهل العلم في تثبيت اليقين في قلوب المبتلين و مسح غبار الحزن عن صدورهم

ذكروا فوائد أخرى للمصائب و الأحزان من بينها أن البلاء ينقص من سيئات المبتَلى و يزيد من حسناته،

كما أن المصيبة تجعل المصاب بها يشعر بأنه ضعيف عاجز فيلجأ إلى ربه القوي القادر ليعينه على تجاوز الشدة

و لما لا وهو القائل سبحانه (( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء )) (النمل : 96)،

و من محاسن الأحزان أيضا أنها تضطر العبد إلى الوقوف أمام نفسه وقفة محاسبة ليتفقد مواطن الزلل

فيها فيسألها و يلومها و يوبخها على سوء صنيعها و كيف لا يفعل ذلك و الله تعالى يقول :

(( و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير )) (الشورى : 30)،

فما أكرمك يا رب و ما أحلمك على معاصينا نكثر منها و مع ذلك تصبر علينا و تعفو عنا حتى إذا تمادينا

و ضللنا الطريق فإنك تبتلينا بالشدائد لا لتضرنا فحاشك تفعل بل لتذكرنا بأننا بالَغنا في البعد عنك

فتحن قلوبنا للعودة إلى أحضان طاعتك و نعيم الأنس بذكرك و شكرك و حسن عبادتك.


mẨřЎặm..εïз غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس