تعتبر الموارد البشرية هي حجر الزاوية في العملية اﻹدارية واﻹنتاجية والخدمية وهي من أهم اﻷصول للمنظمات.. ونتيجة للتوسع الكبير في أعمال المنظمات وزيادة حدة المنافسة وانتشار المعرفة - التي هي في اﻷصل موجودة لدى الموارد البشرية التي أسماها الكاتب الشهير بيتر دراكر "عمال المعرفة"، - اكتسبت هذه الموارد البشرية المزيد من اﻻهتمام ﻷنها اﻷساس في التنمية اﻹنسانية المستدامة. وأصبحت المنظمات في سعي دؤوب ﻻستقطاب العقول الشابة والدماء الجديدة حتى تستطيع ان تضخ نتاجهم وإبداعاتهم وأفكارهم في مفاصل المنظمة.تأتي الموارد البشرية التي تم تعيينها حديثاً في العمل وهي مليئة بطاقات كثيرة وآمال كبيرة ورغبات متنوعة وتوقعات عالية، كما تأتي بعد مشوار طويل من الجهد والتعب واﻻنتظار، بدءاً من الدراسة ومروراً باختيار التخصصات التي تتﻼءم مع سوق العمل قدر اﻹمكان، ثم مع مشوار البحث عن الوظيفة ومتابعة اﻹعﻼنات ثم تقديم الطلبات في أكثر من جهة إلى أن ينتهي المطاف بها للقبول ومن ثم استكمال باقي اﻹجراءات من كشف طبي وخﻼفه. وبعد ذلك تباشر هذه الموارد البشرية العمل فعلياً.*إن (نهاية) هذه الرحلة الطويلة تعتبر في واقع اﻷمر (البداية) للحياة العملية. كما أن الموارد البشرية، وهي تضع أولى خطواتها، بحاجة ماسة لمن يأخذ بيدها إلى بر اﻷمان، ويزيل عنها القلق والتوتر والضغط النفسي والعزلة التي تؤثر كثيراً على النفسيات. وقد تؤدي في حال عدم اﻻهتمام إلى آثار سلبية على المنظمة والموظف معاً. إن هذه الموارد البشرية بحاجة إلى برنامج متكامل يعمل على إكسابها العديد من اﻷمور السائدة في المنظمة التي يعملون بها مثل: القيم واﻷعراف والثقافة السائدة إلى غير ذلك. وبما يؤدي إلى التكيف مع بيئة العمل الجديدة، وتخفيف هذه الضغوط وإمتصاصها وإزالة المشاعر السلبية. هذا البرنامج هو ما يعرف في أدبيات اﻹدارة ب"التأقلم التنظيمي" أو "التطبيع اﻻجتماعي" socialation. فما هو التدريب؟ وماهي عملية "التأقلم التنظيمي"؟ وماهو دور التدريب في هذه العملية؟*أوﻻً: ماهية التدريب: تحفل أدبيات اﻹدارة بالكثير من التعاريف للتدريب سأورد أحدها وأحيل القارئ العزيز إلى كتب السلوك التنظيمي والموارد البشرية وكذا كتب التدريب المتخصصة للمزيد من التعريفات، وهي رغم اختﻼفها ليست بعيدة عن بعضها البعض.*عرفه الطعاني (2007) بأنه: "الجهود المنظمة والمخطط لها لتزويد المتدربين بمهارات ومعارف وخبرات متجددة تستهدف إحداث تغييرات إيجابية مستمرة في خبراتهم واتجاهاتهم وسلوكهم من أجل تطوير كفاية أدائهم".*ثانياً: التأقلم التنظيمي: ويطلق البعض عليه التطبيع اﻻجتماعي. عرفه اوليفر (1977) بأنه: "العملية التي تتم بموجبها سلسلة خطوات تتضمن استيعاب الموظف الجديد وتقبله القيم وأنماط السلوك والمعرفة اﻻجتماعية اﻷساسية لممارسة دوره في المنظمة وللمشاركة كعضو فيها". وعرفه الهيتي وياقو (1990) بأنه: "العملية التي من خﻼلها يتمكن الفرد من تعلم اﻷنظمة والقيم والعادات وأنماط السلوك المقبولة حال دخوله منظمة ما أو جماعة ما. ويهدف الى محاولة تقريب صورة الفرد للمنظمة وصورة المنظمة للفرد".*أما المرسي (2003) فعرفه على أنه "عملية تحقيق التكيف التي تحدث لدى اﻷفراد عند محاولتهم تعلم قيم وأعراف العمل في المنظمات التي يعملون بها للمرة اﻷولى".*وعملية التأقلم التنظيمي ﻻ تحدث فقط عند بداية التعيين في المنظمة ولكن في كل مرة يتنقل فيها الموظف من إدارة إلى أخرى أو من قسم ﻵخر، أى أنها عملية مستمرة.*ويهدف التأقلم التنظيمي إلى: المحافظة على الموارد البشرية من التسرب خارج المنظمة بسبب اﻹحباط والمشاعر السلبية التي يعيشونها، التعرف على سياسات المنظمة وأهدافها والمزايا التي تقدمها وفرص الترقي وثقافتها السائدة، تخفيف القلق والتوتر والضغط النفسي والعزلة، ضمان الوﻻء واﻻنتماء للمنظمة، تحقيق التواصل بين المنظمة والموارد البشرية إلى غير ذلك.*ثالثاً: دور التدريب في عملية التأقلم التنظيمي: يلعب التدريب دوراً محورياً في هذا المجال، حيث يتعين أن يعهد إلى إدارة التدريب بالقيام بهذه المهمة بعد التنسيق مع اﻹدارات اﻷخرى مثل: اﻹدارة التي سيعمل لديها الموظف، اﻹدارة المالية، إدارة الموارد البشرية، إدارة اﻷمن.. الخ. حيث يتم تصميم برنامج تدريبي متكامل يعمل على عملية تهيئة هذه الموارد البشرية عبر شرح أمور مثل: أخﻼقيات العمل، السلوكيات المرغوبة، التعريف بالبرامج التدريبية، المزايا التي تقدمها المنظمة مثل: العﻼج الطبي، اﻹجازات، البدﻻت، سياسات المنظمة وأهدافها رسالتها، الهيكل التنظيمي للمنظمة، أنظمة وإجراءات العمل، العطل الرسمية، ساعات العمل، تقويم اﻷداء، فهم طبيعة المنظمة وأهدافها وتاريخها وإنجازاتها، معايير اﻷداء المطلوبة الى غير ذلك.كما أن إدارة التدريب عليها واجب إقامة برنامج تدريبي للمشرفين والمديرين لتعريفهم بآلية تنفيذ هذا البرنامج والدور المحور الذي يقومون به ﻹنجاح هذا البرنامج ومن ذلك: أخذ هذه الموارد البشرية في جولة للتعرف على زمﻼئهم ومكان العمل وشرح مبسط لمهام الوظيفة وموقعها في الهيكل التنظيمي لﻺدارة وللمنظمة مع إعطائهم أعمال (حقيقية) يؤدونها بصورة تدريجية، اﻻبتعاد عن إجﻼسهم مع بعض الموظفين المحبطين حتى ﻻ تسري العدوى لهم! عدم اﻹفراط في تقديم معلومات كثيرة في وقت قصير إلى غير ذلك.