قبل أن تقول نعم فﻼبد من معرفة تبعات وتحديات مهمتك الجديدة.*يمكننا أن نقول إن حياتك بعد أن تصبح مديرا لن تكون أبدا كما كانت قبل، وستواجه تحديات كثيرة ﻻ حصر لها ونجاحك في مواجهة هذه ا لتحديات معناه نجاحك كمدير !*وليس معنى صعوبة المهمة استحالتها، وفي هذه الورقات نحاول معا أن نخطو أولى الخطوات في عالم اﻹدارة ولعلنا بذلك نسهم في تقديم يد العون للمديرين الجدد ونأخذ بأيديهم نحو سلم النجاح.*أخطاء اﻷيام اﻷولى في عالم اﻹدارةمن الخطأ أن تعتقد أن الجميع سيرحبون بقدومك.*من الخطأ النظر لمن يريد التقرب إليك أنهم أصحاب مطامع شخصية وأنها سيئة المرامي دائما ومن ثم تأخذ منهم موقفا عدائيا.*من اﻷخطاء الشائعة للمديرين الجدد إحداث تغييرات سريعة واتخاذ قرارات عاجلة فور توليهم اﻹدارة دون أن تكون لديهم رؤية كاملة ﻷوضاع المؤسسة؛ فإن هذا غالبا يحمل على إهانة المدير السابق وبيان خطئه مع كونه غالبا يقابل بمقاومة من المرءوسين ومن شأنه أن يوجد فجوة كبيرة وتوجسا من المدير الجديد.*من اﻷخطاء الخطيرة أن تجيب على كل شيء يوجه إليك من رؤسائك أو مرءوسيك ولو كنت ﻻ تعرفه ،وأخطر منه التمادي في التمويه وخير لك الصمت في هذه الحالة والتريث وليس عيبا أن تقول ﻻ أعلم .*من الخطأ إغفال دور المرءوسين في إسداء النصيحة للمدير الجديد ومعرفة ما لديهم من أفكار بخصوص إدارتك لهم واﻻكتفاء بنصيحة الرؤساء.*من الخطأ إساءة معاملة أصدقائك القدامى قبل أن تكون مديرا بدعوى إثبات حيادك لﻶخرين، وفي المقابل ﻻ تخصهم بأي مزية لمجرد كونهم أصدقاءك.*من الخطأ التعامل مع المرءوسين باعتبارهم أحد الممتلكات الشخصية فتقول موظفيي وإدارتي ونحو ذلك من عبارات ولو غير مقصودة.*كيف تقيم جسور الثقة مع مرءوسيك؟*إن الثقة المتبادلة بينك وبين مرءوسيك أول ركائز النجاح في مهمتك الجديدة وعندما تغيب هذه الثقة فﻼ تتوقع غير الفشل الذريع والسقوط المريع لك كمديرإن إدراكك لهذه الحقيقة يحملك على الصبر على هذه المهمة الشاقة .إن بناء الثقة بينك وبينهم يعني أن تثق في قدراتهم على تحقيق أهداف المؤسسة كما يعني أن تجعلهم يثقون في قدرتك وكفاءتك على إدارتهم وتوجيههم ، وهذا يتطلب إدراك أمور هامة:*الثقة ﻻ تبنى إﻻ على النجاح الفعلي كما أنها ﻻ تبنى مرة واحدة وتحتاج إلى وقت ليس بالقصير.*غالب المرءوسين يفتقدون لوسيلة دفعهم لﻸمام واﻻبتكار وعليك أنت أن تقدم لهم هذه الوسيلة.*ﻻ تقتل ملكة اﻹبداع واﻻبتكار لدى مرءوسيك بتقريعهم إذا هم أخطأوا ؛ فأنت بذلك تعلنها صراحة : ممنوع أي أفكار جديدة وليكن هدفك التوجيه والتعليم .*تجنب التعنيف على المﻸ ما أمكن فإن كنت ﻻبد فاعﻼ فاتبع اﻷسلوب النبوي الكريم:' ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا' وﻻ تصرح بأسماء من تنتقد.*اﻹكثار من مدح أقوام بعينهم وإهمال آخرين ربما يسبب إحباطا وسلبية لهؤﻻء المهملين، وربما سبب نوعا من المشاحنة بين المرءوسين.*استقيموا ولن تحصوا:*هذا العنوان جزء من حديث نبوي كريم وهو يحمل بين طياته توجيها عظيما يدفع المرء لمحاولة بلوغ الكمال،وفي الوقت نفسه يبين له أن الكمال غاية ﻻتدرك ومن ثم فﻼ ينبغي أن يقعد أو ييأس ،وكذلك تلفت النظر إلى إدراك هذه الحقيقة في تعاملنا مع اﻵخرين وأﻻ نطلب منهم تحقيق هذا الكمال المعجز الذي يؤدي بالمرء إلى القعود كلية، ومن طلب عمﻼ بﻼ أخطاء فإنما يطلب محاﻻ وحتما لن يكون هناك عمل بغير نسبة خطأ،وإنتاج مائة وحدة بعشرة أخطاء خير وأفضل من إنتاج ثﻼثين ليس فيها خطأ واحد.*إن إدراك المدير الجديد لهذه الحقيقة أمر ضروري جدا على طريق النجاح فبعض المديرين الجدد يغالون في طلب الكمال وهم يعلمون أنه بعيد المنال. والمديرون الذين يطلبون من مرءوسيهم ذلك إنما يعملون ضد أهدافهم؛ إذ قد يؤدي الحرص على تجنب اﻷخطاء إلى اﻹبطاء في العمل وخفض اﻹنتاج ، كما أن هذا النهج قد يؤدي إلى استياء المرءوسين وجعلهم يعتقدون أن مديرهم شخص ﻻ يمكن إرضاؤه.*على المدير أن يدرك جيدا أن جودة اﻹنتاج تتحقق عندما يقرر المرؤوسين بأنفسهم ذلك، ودوره هو حثهم على اتخاذ هذا القرار ومساعدتهم في تنفيذه!!*بين اﻹحجام واﻹقدام:*هناك بعض الناس بطبعه متردد ويعجز عن اتخاذ قرار بنفسه وهؤﻻء ﻻ يصلحون لﻺدارة ،غير أن ذلك ﻻ يعني أن المدير عليه أن يأخذ قراراته كلها من غير تروٍ وإﻻ لم يصلح لﻺدارة!!*أسباب تردد البعض في اتخاذ القرار:*عدم التأكد من كفاية المعلومات المتاحة.*إذا كان المدير يظن أنه ﻻ يصح أن يتخذ قرارا قبل أن يكون لديه 100% من المعلومات المطلوبة فهو واهم لسبب بسيط جدا وهو أنه في حالة ظنه توافر هذه النسبة لديه سيكتشف بعدها أنه كانت هناك معلومات غائبة عنه ومن ثم فهذ النسبة المطلوبة غير صحيحة وهي من عوائق اتخاذ القرارات ، وفي المقابل ﻻيعني ذلك اتخاذ قرار في أمر ما ﻻيعلم عنه شيئا ،وخير اﻷمور أواسطها فﻼ تتردد في اتخاذ قرارك عندما يتوفر لديك قدر معقول من المعلومات.*الخوف من الوقوع في اﻷخطاء.*إذا أردت أﻻ تخطئ أبدا في عمل ما أو قرار ما فليس هناك سوى سبيل واحد لتحقيق ذلك وهو أﻻ تعمل أي شيء أو تأخذ أي قرار!!*وبعبارة أخرى :أقل الناس خطأ هم أقلهم عمﻼ.*ونحن ﻻنقصد بذلك فتح الباب على مصراعيه لتبرير اﻷخطاء وإنما الشاهد أن الخطأ ﻻينبغي أن يعيق العمل واتخاذ القرارات، كما أن اﻹحجام عن اتخاذ القرارات أسوأ بكثير من الوقوع في بعض اﻷخطاء وهي ستقل بطبيعة الحال مع الخبرة والتجربة والممارسة مع اﻷخذ بالضوابط اﻷخرى.*الكيان الواحد :*من أعظم دعائم نجاح المدير أن يجعل نفسه ومرءوسيه كيانا واحدا وأن يجعلهم يشعرون أنهم هم أصحاب العمل ومديروه بالطبع دون اﻹخﻼل والخلط بين المهام والواجبات.*وعندما تظهر عبارات [نحن] و[هم] في مؤسسة مشيرة إلى فئتين فهذا عﻼمة تصدع في البناء بين الكليات والجزئيات:*على المدير أن يدرك أنه لم يعد موظفا مطلوب منه أداء عملية معينة فحسب، بل إنه مسئول عن جميع العمليات باﻹدارة. ومن ثم فيلزمه تغيير أسلوب عمله من اﻻهتمام بالتفاصيل الدقيقة والجزئية ،وليس معنى ذلك عدم اﻻهتمام بالتفصيﻼت التي تكون أحيانًا مطلوبة ﻻستكمال الصورة ،والتوازن مطلوب بين اﻷمرين ، واﻻهتمام ببعض أشجار الغابة ﻻيعني إضاعة فرصة رؤيتها كلها!!!*أبجديات التعامل مع العاملين معك:*إن إدراك المدير ﻷهمية عﻼقته مع مرءوسيه وأن تأثيرها على مستقبله ومهمته أكثر من عﻼقاته برؤسائه من شأنه*أن يغير من نظرته واهتمامه بهذه العﻼقة وتنميتها ولكن قليلين فقط من المديرين من يدركون ذلك ومن ثم يسقطون من دائرة اهتماماتهم سبل بناء هذا العﻼقة وآلية توجيهها.*مشكﻼت ما بعد اﻷيام اﻷولى:*لن تظل دوما في أيامك الحالمة اﻷولى ولن يستمر تدليلك من قبل رؤسائك فما لهذا أتوا بك لهذه المهمة.*وأول مهامك أو مشاكلك اﻷولى في عالم اﻹدارة الحقيقي هو تغيير سلوك بعض مرءوسيك وتكييفهم وإعادة تأهيلهم، والوقوف على مشاكلهم الشخصية، وإجراء الحوار معهم، وغير ذلك من مهام منصبك الجديد.*- وحتما ستواجه أنواعًا من السلوك التي ﻻ ترضى عنها؛ فﻼ تظن أنه بإمكانك إجراء تغيير جذري في سلوك الناس؛ ﻷن التغييرات في الشخصية اﻷساسية كما يقول علماء النفس ﻻ تتحقق إﻻ بتعرض الشخص لتجارب مؤلمة أو بإجراء جراحة في المخ! وبغض النظر عن صحة هذا القول أو عدمه فإنه يظهر مدى الصعوبة في تغيير شخصية اﻹنسان.*- قد يكون من اﻷفضل التعامل مع مرءوسيك على حالهم دون تغيير ولو كان ذلك ﻻيروق لك ماداموا محققين للمطلوب منهم وهذا بالطبع إذا لم تكن هذه السلوكيات والطبائع يرفضها الدين ،أو كانت تؤثر سلبا على اﻵخرين وليكن دورك مع هذه النوعية هو توجيهها للمجال الذي يتناسب مع إمكاناتها وقدراتها الذهنية والنفسية.*فن التعامل مع مشاكل العاملين:*أوﻻ :ﻻ تعتقد أن لديك القدرة على إيجاد الحلول لجميع مشاكل اﻷفراد، والمطلوب منك التعامل مع المشكﻼت التي تدخل في دائرة مسئولياتك اﻹدارية، وتوجيه غيرها إلى الهيئات أو اﻹدارات المعنية بهذه اﻷمور اﻻجتماعية.*- الحوار يتيح فرصًا ما فريدة لحل العديد من المشكﻼت ولكن ﻻ تجعل هذا الحوار من طرف واحد، بل اجعله على طريقة [خذ وهات]، وكن مستمعًا جيدًا لكل صاحب شكوى، وتذكر أن نظرك إلى محدثك يعني اهتمامك بما يقول و لكن احذر أن تضيع في ذلك الوقت الواجب تكريسه للعمل.*-إذا أردت أن يعرف المرءوس أن عمله دون المستوى المطلوب فمن الخطأ أن تتبسط معه في الكﻼم بطريقة ﻻ توصل إليه هذه الرسالة، وعليك أن تدير الحوار بطريقة تجعله يقترب بنفسه من غرض المقابلة.*- كون بعض المشكﻼت قد ﻻ يحتاج إلى أي تصرف، ﻻ يعني أن تنتهج سياسة [دعه يعمل دعه يمر].*- هناك مشكﻼت ذات طبيعة خاصة كالموظف الكفء في عمله، ولكنه يتأخر عن موعد العمل فليس معنى كفاءته التهاون معه في أمر من شأنه إفساد العمل كله ولكنه رفق مشوب بالحزم.*- إذا اضطررت إلى اتخاذ قرار مؤلم بفصل أحد الموظفين بعد استنفاد جميع وسائل إصﻼحه، فليكن هذا القرار حاسمًا وفي سرية، حتى ﻻ يعلم به زمﻼؤه.واحرص على أﻻ تفقد عﻼقتك معه أو على اﻷقل احرص على شعرة معاوية في تعاملك معه، ويجب أن تساعده في الحصول على جميع حقوقه التي يكفلها نظام المؤسسة، وتساعده في الحصول على عمل آخر يتناسب مع قدراته إذا استطعت إلى ذلك سبيﻼً .*- قد يفقد المدير دفة التوجيه تماما إذا كان متطرف اﻻنفعال والمشاعر ،وعندما يعجز عن إدارة عواطفه، وينفعل ﻷتفه اﻷسباب، فسيفقد تعاطف العاملين معه وثقتهم في نفس الوقت وسيتوجسون منه خيفة في رضاه وغضبه .*- إن أول وأنجع أسباب النجاح في حل مشاكل اﻹدارة والعاملين هو اﻻحتفاظ بهدوء أعصابك في أصعب الظروف حتى يمكنك التفكير السليم، و ﻻ يعني هذا أن تكون مجردًا من العواطف اﻹنسانية.