|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
صــــــــــــناعة الــــــــــــواقــــع
[align=center][tabletext="width:70%;"][cell="filter:;"][align=right]***
مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد : فإن المتأمل في التاريخ والقارئ لسطوره والممعن في أحداثه يدرك كم هي حاجة الواقع إلى كبار يديرون رحلته ويكتبون مشاهده ويدونون مراحل تاريخه ..! كنت اليوم أقرأ في أفكار ( إقبال ) وبينما أنا أتجول في أفياء تلك الأفكار وأقف على ظلال تلك الهمة وأقرأ مشاهد الفكر التي يرسمها في معالم التاريخ إذا بي أقف على هذه المقولة : \" الرجل القوي يكوّن البيئة المحيطة والرجل الضعيف يؤقلم نفسه معها \" وكأني لم أقرها في ساعة نشاط وإقبال بل لكأنه هو بذاته نفخها في روحي بقدر ما يملك من جد وعزيمة ..! وصدق رحمه الله تعالى فإن الكبار في أي رقعة من الأرض وفي أي لحظة من الزمن يكونون واقعهم ويرسمون معالم المكان الذي يعيشون فيه ويبقى الواحد منهم علماً في تاريخ مكانه وزمانه وما أنا عادٌ لك أولئك الذين رسموا هذه الصور وكوّنوا ذلك الواقع من كثرتهم في الأمة بحمد الله تعالى . إنني أكاد أجزم أن الفرص التي يمنحنا الواقع أكبر مما نتصوّر ، والمساحة التي يهبها لنا في كل مرة تبدو أوسع من سابقتها وكل مرة تأتي اللحظات بفرص أكبر ومساحة أوسع وتبقى هذه المساحات والفرص في أحيان كثيرة شاغرة لأصحاب المبادرات وجاهزة لصناع القرار في أرض الواقع وقد يطول انتظارها ولا تجد من يرسم خطة الرقعة الخضراء فيها في قادم الأيام . لقد كان الكبار في أزمان مضت يلتقطون الفرصة من ثقب إبرة ويبنون على أطلالها تاريخ أمة ولم تكن الفرص تتوسّع لهم كما تفعل اليوم بنا وإنما كانوا أذكى في اقتناصاها وأجرأ على استثمار لحظتها وبنوا من خلال تلك الرقع الضيقة مساحة شاهقة البناء واسعة الأرجاء في تاريخ أمتهم الكبير . ما أحوجنا في هذه اللحظة أن نسأل أنفسنا : هل نشعر بحقيقة خلافة الله تعالى في الأرض \" إني جاعل في الأرض خليفة \" وهل نجد أثراً روحياً وفكرياً لمعنى الاستعمار وفكر الاستثمار \" هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا\" أم أننا نفقه المعنى وقد لا نفهم معناه بشكل واضح . ..! إن مسألة صناعة الواقع مسألة كبيرة تحتاج أولاً إلى إدراكها فكرياً وروحياً ، وتحتاج كذلك إلى بناء تربوي وإيماني يمكّن أصحابها من القدرة على احتمال مشاريعها الضخمة ، والقدرة على زراعة الواقع من خلال تلك المشاريع الكبرى ، وتحتاج إلى تفكير وتخطيط يمكّن من الوصول إلى هذه الغايات ، وتحتاج نفوس مشبعة بالأمل وقادرة على التضحية والبناء في أقسى الظروف وأصعب اللحظات ..! إن جزءاً عريضاً من مشكلتنا أننا نريد المساحة خضراء ونحن لا نمنحها القدر الكافي من الماء ، ونريد كل فضيلة أن تمتد في الأرض ونبخل عليها بأقل الأوقات ، ونوهم أنفسنا من خلال أعمال متقطعة أننا قادرون على السيطرة على الرقعة الممتدة طولاً وعرضاً ونفاجأ أثناء الحوادث أننا نسلّم كل يوم مساحة من هذه الأرض لغير أهلها ونمنحهم القدرة على التوسع بالقدر الذي يشاؤون ، وليس أدل على هذه المشكلة من هذا الخلاف على عمل المرأة اليوم ! يا أيها الكبار ..! يجب أن نعي أن الحقيق بخلافة الأرض هو كل من له صلة بمنهجها وعلاقة وطيدة بوحيها ، ومتانة كبيرة بمنهج سلفها الصالح وغير أولئك أدعياء عليها وإن قالوا يوماً ما أنهم أحد أبنائها ، لكن هذه الخلافة لا تأتي من خلال صور باردة وحديث هامشي ، كلا ! إنما تأتي من خلال تضحية كبرى لمد سعة هذا الدين في نفوس الناس وواقع الأرض ، وكل حديث لا يزكيه صاحبه بالعمل ، ولا يؤكّده بالبناء هو جزء من تعويق مسيرة الأمة في حقيقة الأمر . إن جزء كبير من الخسارة التي نعيشها اليوم أننا نعيش ننتظر من يسلب منا مساحة من قيمنا ومبادئنا وديننا ونقف بعد ذلك زمناً نشجب فعله وننكر قراره وفي النهاية تمضي القضية وتصبح واقعاً ونرضى به ونتعايش معه في ذات الوقت ، وهاهي قضية المرأة كمثال تسحب كل يوم رقعة من خصوصياتها التي منحها الله تعالى لها ثم لا يسعنا حيال ذلك إلا تسويد المواقع الالكترونية بأحاديث متأخرة تسجّر الواقع بالعجز والضعف والهزائم النفسية أكثر من كونها تبني في كثير من الأحيان ، وتصبح قضايانا صراع كلامي يسجره قرار وتطفئه الأيام . إن الأحداث مع كثرتها لم تربينا بعد ..! وما زلنا نقف في موقف المدافعين في كل مرة مع أن المساحة متاحة لكل صاحب مشروع أن يبدأ بالطريقة التي يريد وبالكيفية التي يشاء لكنه العجز والكسل الذي ينفخ في صاحبه بعد فوات الأوان حبراً لا رصيد له من الواقع . إنني هنا لا أزهد في قلم صادق مدافع فهو جزء من قضية البناء لكنني أحتاج من صاحبه قبل أن ينضح حبره يهبه من شموخ همته عملاً في أرض الواقع . إن مشروع المرأة أو غيره من المشاريع التي يضعها التغريب في سلّم أولوياته هي مشاريع مشرعه الأبواب لكل إنسان ، وقد لا يملك أهل التغريب في أحيان كثيرة سوى قرار يصنعه ليفتح طريقاً وينتهي دوره عند تلك اللحظة ، وأصحاب المشاريع في الأمة يملكون أكبر من هذا بكثير يملكون بناء المشاريع الكبرى ، والعمل فيها بأنفسهم ، ووضع أولوياتها وتحدياتها ، وخططها الكبرى من بداية أول نقطها إلى خاتمتها في ذات المشروع ، ومشروع المرأة كمثال يمكن أن تعد مشاريع كثيرة لتربية المرأة على الفضيلة وتحصينها أمام دعاوى التغريب ، وتربيتها للقيام بالدفاع عن تاريخها ودينها وقيمها بنفسها ومع ذلك ما زال الدور القائم ضعيف إلى حد كبير مقارنة بالهموم العارضة والأحاديث المتناثرة في واقع الأرض. إنني أود أن أقول أن المساحة تتسع كل يوم لصالح دين الله تعالى في الأرض ولأهله القائمين على تعميم أفكاره ومفاهيمه في واقع الناس ، وسيظل الحق منصوراً لكن ليس بالضرورة على أفراد رقعة الحديث عندهم أوسع من رقعة المشاريع \" وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ..! وعلينا أن ندرك أن النصر حليف كل صادق ، والأمة أحوج ما تكون في أيام الصراع الكبرى إلى مشاريع تثبت به صدقها في حمل راية دين الله تعالى والركض بها في ساحات الأرض في كل وقت ، وكل من ينضح هماً اليوم على واقعه عليه أن يدرك أن ثمة مشاريع كبرى ما زالت تنتظره وأمثاله حتى تكتمل حلقة البناء ويرى الله تعالى من قلوب أصحابه صدقاً يمكنها من تحقيق الخلافة الكبرى في واقع الأرض. ***[/align][/cell][/tabletext][/align] |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|