بناء على تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة يتم إعداد استراتيجية المنظمة العامة، وفي ضوء متطلبات اﻻستراتيجية العامة تقوم جميع إدارات المنظمة بإعداد استراتيجيتها.*ونستعرض فيما يلي بعضَ اﻻستراتيجيات التي قد تلجأ إليها المنظمة، ونعرض من خﻼلها اﻻستراتيجية التوافقية ﻹدارة الموارد البشرية:- في حال ما إذا كانت استراتيجيةُ المنظمة استراتيجيةَ توسع: تقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية على أساس استقطاب أعداد كبيرة من الموارد البشرية لمواجهة أعباء ومتطلبات الحجم الكبير للعمل في المستقبل، ومن ثم توسيع عملية اﻻختيار والتوظيف، وإعداد الكثير من برامج التعلم والتدريب والتنمية، وزيادة نشاط حماية العاملين من مخاطر العمل والمحافظة على سﻼمتهم، والقيام بإعداد وتصميم برامج للتعويضات والحوافز لترغيب العاملين في البقاء واﻻستمرار في المنظمة.- في حال ما إذا كانت استراتيجيةُ المنظمة
لمنظمة استراتيجيةَ اندماج مع منظمة أخرى: تقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية على أساس اﻻستغناء عن جزء من مواردها البشرية الحالية. ويقع على إدارة الموارد البشرية هنا مسؤولية تحديد العناصر التي سيتم اﻻستغناء عنها، وكيفية تعويضهم مالياً، وكيفية دمج الموارد البشرية في المنظمتين، وتحقيق التعاون الكامل والتوافق فيما بينها، وذلك لضمان سير العمل طبقاً للخطط الموضوعة، دون حدوث هزات مالية أو معنوية تؤثر تأثيراً مباشرا أو غير مباشر على المنظمة بعد اﻻندماج، وتحديد ماهية البرامج الثقافية والتعليمية والتدريبية والتنموية التي تتناسب مع الموارد البشرية بعد اندماجها.- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة استراتيجية تنوع المنتجات: تبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتَها في هذه الحالة على أساس تخطيط حاجة المنظمة لموارد بشرية متنوعة، وهذا يتطلب منها القيام بإعداد وتصميم برامج استقطاب متنوعة، وبرامج اختيار وتوظيف وتعلم وتدريب وتنمية متنوعة، فضﻼ عن برامج حماية وسﻼمة العاملين من مخاطر وإصابات العمل متنوعة أيضا.- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة استراتيجية استقرار: هنا ستقوم إدارة الموارد البشرية بوضع استراتيجيتها على أساس استقطاب أعداد قليلة من الموارد البشرية الجديدة، والبقاء على برامج التعلم والتدريب والتنمية على حالها أو تحديثها قليﻼً، وعدم التجديد في برامج حماية وسﻼمة العاملين، ولكن يجب على إدارة الموارد البشرية أن تحدث وتزيد برامج التعويضات والحوافر المالية، بهدف تحفيز العاملين، ودفعهم إلى المحافظة على بقاء حالة اﻻستقرار التي تنتهجها المنظمة كاستراتيجية.- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة تحقيق التميز في الجودة: هذا يتطلب من إدارة الموارد البشرية أن تسعى عند بناء استراتيجيتها اﻻستقطابية إلى استقطاب العمالة الماهرة والمميزة، وفي المقابل اﻻستغناء عن العمالة نصف الماهرة، بهدف تحقيق استراتيجية المنظمة التي تهدف إلى تميز منتجاتها وخدماتها، وتقوم استراتيجية إدارة الموارد البشرية فيما يخص التعلم والتدريب والتنمية على أحدث ما توصل إليه العلم، وأحدث البرامج التدريبية التي تساعد العمالة الحالية والجديدة على الوقوف دائماً على كل جديد يتعلق بمجال عملهم، وتمكينهم منه بهدف الوصول من خﻼلهم إلى منتج أو خدمة خاصة بالمنظمة ذات جودة عالية، وميزة نسبية، تمكنها من التفرد، والحفاظ على حصتها السوقية إن لم تتمكن من زيادتها، في ظل منافسة شديدة وقوية. فضﻼ عن قيام إدارة الموارد البشرية بإعداد وتصميم برامج خاصة بالتعويضات والحوافز المالية والعينية والمعنوية التي تحفز العاملين دوماً على اﻹنتاجية، واﻹبداع واﻻبتكار، فيشعرون بالعائد المباشر وغير المباشر على جهدهم في المنظمة.- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة قيادة التكلفة: إذ تقوم هذه اﻻستراتيجية على تحقيق أعلى معدل كفاءة إنتاجية من خﻼل العﻼقة بين المخرجات (المنتج والخدمة) والمدخﻼت (العناصر الداخلة في العملية اﻹنتاجية – التكاليف)، أي تسعى هذه اﻻستراتيجية إلى إنجاز أكبر قدر من المنتجات بأقل قدر من التكاليف، وذلك بهدف طرح المنتج بسعر تنافسي في السوق ﻻ يمكن للمنظمات المنافسة أن تبيع به، فتبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتها في هذه الحالة على استقطاب الموارد البشرية ذات المهارات العالية والمتميزة -والقادرة على اﻹنتاجية بأعلى معدﻻت من الكفاءة وبأقل تكلفة ممكنة– وكيفية المحافظة على هذه العمالة؛ إذ تقوم إدارة الموارد البشرية بتصميم البرامج التعليمة والتدريبية والتنموية التي تهدف إلى تنمية وتطوير مهارات وقدرات الموارد البشرية، وتمكينها من اﻷداء بكفاءة عالية، وفي الوقت نفسه تمكنها من تقليل الفاقد من الموارد، فضﻼ عن استغﻼل كل الطاقات وفي كل اﻷوقات بحيث يتم اﻻستغﻼل اﻷفضل –إن لم يكن اﻷمثل– للوقت، وفي ظل استراتيجية قيادة التكلفة أيضا تسعى إدارة الموارد البشرية إلى وضع نظام للتعويضات والتحفيز المالي يعتمد على اﻻستغﻼل اﻷمثل للموارد المتاحة، وتقليل تكلفة اﻹنتاج إلى أقل المعدﻻت الممكنة.- في حال ما إذا كانت استراتيجية المنظمة التنبؤ ووضع اﻻحتماﻻت (التوقع): إذ تهدف هذه اﻻستراتيجية إلى توافق وتكييف إمكانيات المنظمة وظروفها الداخلية مع المحتمل أو المتوقع وقوعه في البيئة المحيطة، فإذا توقعت المنظمة زيادة كبيرة في الطلب على منتجاتها وخدماتها، فهي تأخذ عندئذ باستراتيجية التوسع، أي تعمل على زيادة إنتاجها لمواجهة زيادة الطلب هذه، وإذا توقعت أن منافسيها قد زادوا من جودة منتجاتهم وخدماتهم، فتأخذ المنظمة باستراتيجية التميز في الجودة، أي تعمل على رفع مستوى جودة منتجاتها وخدماتها. فالمنظمة في هذه الحالة تتبنى استراتيجية تهدف إلى توفير أعلى درجات المرونة في كيفية التأمين والحصول على مواردها، لكي تتمكن من مواكبة ما يحدث من تغيرات تتوقعها في البيئة المحيطة بها، والتكيف معها في أقل وقت ممكن، ولكي تنجح المنظمة في تحقيق هذا التكيف عليها أن تتفاعل وتراقب التغيرات التي تحدث في البيئة بشكل مستمر
.وفي ظل هذه اﻻستراتيجية العامة للمنظمة تبني إدارة الموارد البشرية استراتيجيتها على أساس استقطاب اﻷفضل واﻷنسب وذا الكفاءة العالية والمتميزة من الموارد البشرية، وتولي العناية الفائقة بهذه الموارد من حيث التدريب والحوافز المالية والحماية الصحية، فهي تتعامل مع نوعية مميزة من العناصر البشرية، مطلوب منهم تحقيق أعلى المعدﻻت اﻹنتاجية من حيث الكم والكيف.