الذاكرة اقوية

[إعلامية الأكاديمية]

الذاكرة القوية

من عجائب القدرة الإلهية في الخلق والتقدير هذه -الذاكرة – البالغة التعقيد والمتناهية الدقة والمترامية الشمو ل, وما يجعلها مذهلة حقا كونها لا يوجد لها مكان محدد في المخ توضع فيه الملفات وت خزن فيه الأرشيفات ولا أثر البتة لترتيب على شكل أرقام ولا وجود لفهرسة على هيئة حروف أبجدية أو غيرها من طرق التبويب والترتيب, حتى أصبح البحث في مكان تخزين الذكريات أمرا غير عملي, وكل ما أكده الباحثون أن معظم الذكريات منتشرة بالتساوي عبر اللحاء, وهو ما يفسر بقاء التذكر الجيد عند إنسان فقد 20بالمائة من اللحاء.و ذكروا أن الأصوات مخزنة في اللحاء السمعي, بينما الأسماء تخزن في لحاء الفص الصدغي, وتسجل الأحداث الانفعالية الخفية السالبة في لوزة المخيخ, أما الأحداث المتسلسلة والمترابطة فهي في المخيخ إلى آخر ما ذكروه في هذا المجال, ويبقي الأمر العملي متمثلا في الجهد المكرس في كيفية عمل الذاكرة.

فكيف تعمل الذاكرة في تقديرك؟
وقبل أن نتطرق إلى الكيفية التي تشتغل بها الذاكرة يحسن بنا التعرف على معنى الذاكرة وماهيتها.

معنى الذاكرة

ترى طائفة من علماء النفس أن الذاكرة هي:-عملية عقلية يتم بها تسجيل وحفظ واسترجاع ما حدث في الماضي من مدركات وأفكار و ميول وسلوك وحركات.

طريقة عمل الذاكرة

يؤكد عالم الأعصاب د. "دانيال شاكتر" أن النظم والمواقع المتعددة في المخ هي المسئولة عن التعلم والتذكر. وهو ما يعني اختلافا في طرق تخزين المعلومة و استدعاءها. غير أن عملية استدعاء المعلومات كما يؤكد الباحثون هي ما ينشط الخلايا العصبية الخامدة ويحفزها. كما يؤكدون على استحالة الفصل بين الذاكرة والاستدعاء لقوة التلازم بينهما.
ويأتي الاستدعاء ناجحا, عندما يتم تنشيط وتلاحم عدد أكبر من الخلايا العصبية.
وعليه يمكن تنشيط مجالات كثيرة من الخلايا العصبية كنمط أكبر من أنماط التذكر:-
فلو ذكرت على سبيل المثال كلمة "ثورة التحرير" أمام مجاهد (حقيقي) فإنك تثير في مخه ما يشبه "العاصفة الرعدية", فتجول في خاطرة جملة من الأمور, وهذا مرده إلى وجود خبرات سابقة وترابطات كثيرة بين الخلايا العصبية , وكذلك لأن لها معنى عميق عنده, وعلى هذا الأساس ظهرت النظرية التي تعتبر الذكريات أنماطا جامدة تنتظر الإشارة الملائمة للظهور, وفي هذا الصدد يقول عالم الأعصاب "وليام كالفين" (1996) :- (إن ذكرياتنا مخزنة في أمخاخنا في انتظار حدوث استدعاء ملائم لها, و تتعاقب طلبات الاستدعاء بصورة متوالية إلى أن يفتح الباب السحري للذاكرة ويتم استدعاء الفكرة أو الذكرى المخزنة).
الذاكرة الواضحة والذاكرة الخفية:-

توجد عدة تصنيفات للذاكرة مثل ذاكرة طويلة المدى, قصيرة المدى, تصريحية وغير تصريحية,......وغيرها).

لكننا سنركز على الواضحة والخفية لاعتبار أهميتهما.

أ)- الذاكرة الواضحة هي:-

ما تمّ تعلمه بجهد واع وهي تشمل (الذاكرة القصيرة المدى-من 5إلى 20ثانية, والذاكرة العاملة- من3إلى 4أشياء)

وهي نوعان:

-1) دلالية وتشمل (الكلمات, الرموز, الأفلام, الكتب, القصص المكتوبة, المواد الدراسية, الكمبيوتر).

-2)التسلسلية:- وتشمل (الأماكن, الأحداث, الظروف).

ب)- الذاكرة الخفية:-

وهي نوعان أيضا :

1) إجرائية:- وتشمل (المهارات البدنية والتعلم بالتجربة والحركات واستخدام الأيدي).

2) انعكاسية:- وهي تشمل (التعلم التلقائي اللاشعوري).

هكذا نفهم طريقة عمل المخ مع المعلومات:-

يقوم المخ بتنظيم وتخزين المعلومات على حسب تواجدها في السياق أو المحتوى أو التسلسل.
فعندما تتواجد المعلومات في المحتوى يتم تعلمها عن طريق الحفظ والاستظهار, وتحتاج إلى جهد وبروفة حتى يتم تخزينها جيدا واسترجاعها, غير أنها صعبة الاستظهار لمجيئها في غير سياق, ولكونها صارمة الحدود, ناقصة المعنى, وهو السرّ في أننا ننسى الكثير مما تعلمناه من المقررات الدراسية.
على العكس تماما من ذلك عندما تتزامن المعلومات بعوامل أخرى كالفضول و الابتكار و خبرات الحياة والتوقعات فيتم تخزينها على شكل خريطة موضوعية شاملة لأنها أدرجت في سياق معين, وخاصة إذا أشركت أكبر قدر من الحواس" السمع, البصر, الشم, اللمس, التذوق" (المدخلات الحسية).
أما عندما تتسلسل المعلومات فهنا تنشأ ذاكرة قوية وبسرعة ولا يلزمها أي مجهود, وتستخدم بطريقة طبيعية, وتكفي أي حركة أو رائحة أو صوت حتى تنشطها.

من تقديم الأستاذ أحمد أبو عبد الله
مؤسس ورئيس مجلس ادارة مؤسسة المحبة للتنمية البشرية-الجزائر