07-09-2012, 12:22 AM
|
|
|
المراقبين |
|
|
|
|
إدارة الصراع
يتعذر تجنب الخﻼف في المؤسسات ﻷن أهداف وقيم واحتياجات الجماعات واﻷفراد ﻻ تتوافق دائماً. فقد يكون الخﻼف سمة من سمات التنظيم السليم وقد يكون اﻻتفاق التلقائي على كل شيء سمة غير طبيعية ومهنة للقوى. ومن الطبيعي أن يكون هناك خﻼفات في اﻵراء حول المهام والمشروعات وفي هذه الحالة ﻻ يجب كبت هذه الخﻼفات, بل يجب إظهارها ﻷن ذلك يعتبر الطريقة الوحيدة التي يمكن بها كشف نقاط الخﻼف وتسويتها.وهناك ما يسمى - بالخﻼف الخﻼّق – أي اﻵراء الجديدة أو المعدلة واﻵراء التي تنطوي على نفاذ البصيرة والمناهج والحلول التي يمكن خلقها عن طريق اﻻشتراك في إعادة بحث وجهات النظر المختلفة إذا ما تم هذا على مبدأ التبادل الموضوعي والعقﻼني للمعلومات واﻵراء. ويصبح الخﻼف - خﻼفاً منتجاً لﻼنعكاسات - إذا قام على الخﻼفات الشخصية أو إذا ما تمت معاملة الخﻼف على أنه مأزق مشين يستوجب سرعة التخلص منه أكثر من اعتباره مشكلة تتطلب إيجاد مخرج لها. إن حل الخﻼفات يتعلق بالخﻼفات بين الجماعات أو اﻷفراد.حل الخﻼفات بين الجماعات :هناك ثﻼثة طرق رئيسية لحل الخﻼفات بين الجماعات هي: التعايش السلمي والتسوية وحل المشكﻼت.التعايش السلمي :الهدف من التعايش السلمي هو تهدئة الخﻼفات والتأكيد على مواضع اﻻتفاق فيتم تشجيع الناس على العيش في سﻼم بحيث يتوفر في هذه الحالة تبادل المعلومات واﻻتصاﻻت وكذا تبادل اﻵراء ويتنقل اﻷفراد بحرية بين الجماعات وبين بعضها البعض (التنقل مثﻼً بين المركز الرئيسي والفروع المختلفة)وﻻ شك أن هذا هدف رائع ولكنه ﻻ يطبق في جميع اﻷحوال. فكثيراً ما تثبت الدﻻئل أن الخﻼفات ﻻ يتم حلها عن طريق التقارب بين اﻷفراد. بينما نرى أن هناك وسائل لﻼتصال قد تكون لها فائدتها مثل إعطائهم تعليمات محددة ونهائية, ولكن هذه الوسيلة تكون عديمة الفائدة إن لم يتوفر لﻺدارة ما تقوله ويريد اﻷفراد سماعه. وهنا يكون احتمال الخطر وهو أن الخﻼفات الحقيقية قد تختفي للحظة في جو من الهدوء السطحي وﻻ تلبث أن تطفو على السطح فيما بعد.التسويةيتم حل الخﻼف بالتفاوض أو بالمساومات, ﻻ يفوز وﻻ يخسر أي طرف من اﻷطراف في هذه الحالة, ﻷن فكرة تجزئة الخﻼف فكرة تشاؤمية في أساسها, والسمة المميزة لهذا اﻷسلوب هي أنه ﻻ توجد إجابة صحيحة أو إجابة مفضلة فاﻻتفاقات هي وحدها التي تسوى الخﻼفات أما الخﻼفات الحقيقية فﻼ يمكن حلها.التسوية :يتم حل الخﻼف بالتفاوض أو بالمساومات, ﻻ يفوز وﻻ يخسر أي طرف من اﻷطراف في هذه الحالة, ﻷن فكرة تجزئة الخﻼف فكرة تشاؤمية في أساسها, والسمة المميزة لهذا اﻷسلوب هي أنه ﻻ توجد إجابة صحيحة أو إجابة مفضلة فاﻻتفاقات هي وحدها التي تسوى الخﻼفات أما الخﻼفات الحقيقية فﻼ يمكن حلهاحل المشكﻼت :هناك محاولة ﻹيجاد حل حقيقي للمشكلة أفضل من تسوية وجهات النظر المختلفة وهي عن طريق التناقض الواضح " الخﻼف الخﻼق " ويتم ذلك باستخدام حاﻻت الخﻼف لخلق أو إيجاد حلول مبتكرة.إذا أردنا تطوير الحلول لحل المشكﻼت فﻼ بد من أن يبتكر هذه الحلول المسؤولون الذين يرون أن الحلول تفيد. وتتم هذه الحلول المبتكرة على النحو التالي,أوﻻً: يقوم المسؤولون بتحديد المشكلة وتحديد اﻷهداف التي يمكن الوصول إليها ﻹيجاد حل للمشكلة.ثانياً: تقوم الجماعة بتقديم الحلول البديلة لحل المشكلة ودراسة مزاياها.ثالثاً: اﻻتفاق على الحل المفضل ودراسة كيفية تنفيذه.حل الخﻼفات بين اﻷفراد :قد يكون حل الخﻼفات بين اﻷفراد أكثر صعوبة من حل الخﻼفات بين الجماعات. سواء كان الخﻼف يتم عن عداء واضح أو دهاء متخفٍ أو ينطوي هذا الخﻼف على أراء شخصية قوية.ومع ذلك يقول " جيمس ويير " و " لويس بارنيس "(إن القدرة على حل الخﻼف بطريقة بناءة تمثل تحدياً كبيراً للنجاح اﻹداري. وتزداد حدة الخﻼفات بين اﻷفراد بتزايد حدة الخﻼفات داخل المؤسسة وكل المؤسسات لها نصيبها أيضاً من الخﻼفات البسيطة التي تضاعف المشاكل الرئيسية، من هنا تكون مشكلة المدير هي اﻻعتماد على اﻻختﻼف في آراء اﻷفراد دون أن يجعله يعرض اﻷداء الكلي والتطور للخطر)).ويواصل " ويير " و "بارنييس " القول إن الخﻼف بين اﻷشخاص مثل الخﻼف بين الجماعات – هو حقيقة تنظيمية ﻻ هي جيدة وﻻ هي سيئة. قد تكون مدمرة وقد تقوم بدور بناء. " فالمشكﻼت تنشأ إذ ما تم قمع الخﻼف القائم بطريقة مصطنعة أو إذا زادت حدته على قدرة الخصوم أو تدخل طرف ثالث "بمثابة الوسيط".باﻹضافة إلى أن الفعل بالنسبة للخﻼف بين اﻷفراد قد يكون انسحاب أحد الطرفين تاركاً الطرف اﻵخر وحده في الساحة. هذا هو الموقف التقليدي القائم على مبدأ المكسب والخسارة. أما إذا تم حل المشكلة بالقوة فﻼ يكون ذلك هو الحل اﻷمثل لها إذا كان هذا الحل يمثل وجهة نظر واحدة لفرد واحد ويتجاهل وجهات النظر اﻷخرى المخالفة والتي قام– في الحقيقة- بإبادتها إبادة تامة. فالفائز قد يكون منتصراً والخاسر قد يكون مظلوماً وفي هذه الحالة يكون مدفوعا ًللقتال مرة أخرى في يوم من اﻷيام. وقد يكون هناك هدنة للخﻼف ولكن ﻻ تكون له نهاية.وهناك طريقة أخرى لتهدئة الخﻼفات والتظاهر بأن الخﻼف لم يعد قائما بالرغم من أنه لم تبذل أي محاولة لمعالجة جذور الخﻼف. وهذا اﻷسلوب أيضاً أسلوب غير مرضٍ ﻷنه من المحتمل أن تظهر المشكلة من جديد وتستأنف المرحلة أيضاً من جديد.وهناك طريقة أخرى لحل الخﻼف وهي المساومة للتوصل لتسوية الخﻼف. وهذا معناه أن الطرفين يكونان مستعدان ﻷن يكسبا أو يخسرا بعض النقاط كما أن الهدف هو الوصول لحل يرضى الطرفان. ومع ذلك فإن المساومة تتضمن كل أنواع الحيل التكتيكية المضادة وغالباً ما يكون الطرفان أكثر تلهفاً للوصول لتسويات يقبلونها أكثر من تلهفهم إلى الوصول لحل سليم.ومع ذلك فقد حدد " ويير " و " بارنييس " طريقتين ﻹدارة الخﻼف بين اﻷشخاص هما السيطرة والمواجهة البناءة.السيطرةتشمل السيطرة منع التفاعل وبناء أشكال التفاعل وتقليل أو تغيير الضغوط الخارجية.ومنع التفاعل استراتيجية تستخدم عندما تشتد اﻻنفعاﻻت. حيث تتم السيطرة على الخﻼف بالفصل بين طرفيه على الرغم من وجود الخﻼفات لنعطي الفرصة لﻸشخاص المعنيين لتهدئة الخﻼفات والتفكير في حلها بطريقة بناءة. وقد تكون هذه الطريقة وسيلة مؤقتة وتكون المواجهة المحتملة أكثر تفجيراً للخﻼف.ويمكن استخدام استراتيجية بناء أشكال التفاعل إن لم يمكننا الفصل بين الطرفين. وفي هذه الحالة يمكن تطوير اللوائح اﻷساسية للتعامل مع الخﻼف عن طريق توصيل المعلومات بين الطرفين أو التعامل مع المشاكل القائمة. وقد تكون هذه اﻻستراتيجية وسيلة مؤقتة أيضاً إذا تم كبت اﻵراء المختلفة بدﻻً من التوفيق بينها.أما عن اﻻستشارات الشخصية فهي عبارة عن استراتيجية ﻻ تركز على الخﻼف نفسه بل تركز على تفاعل الطرفين – وهذه اﻻستراتيجية تفسح المجال لهما ﻹخراج التوترات الحبيسة وتشجيعهما على إيجاد طرق جديدة لتسوية النزاع ولكنها ﻻ تركز على الطبيعة اﻷساسية للخﻼف وهي العﻼقة بين الطرفين. لذلك فإن المواجهة البناءة تقدم اﻷمل اﻷفضل لتوفير الحل اﻷبدي للخﻼف.المواجهة البناءةالمواجهة البناءة أسلوب للتقريب بين طرفي الخﻼف وغالباً ما تتم بوجود طرف ثالث يكون دوره هو خلق مناخ من التفاهم والتعاون بينهما.وهذا اﻷسلوب يساعد أيضاً الطرفين للتعرف على وجهات النظر المختلفة لكل منهما. وهو عملية لتطوير التفاهم المشترك بينهما بهدف الوصول لحل يرضي الطرفين فتتم مواجهة المشاكل على أساس التحليل المشترك لهذه المشاكل بمساعدة طرف ثالث وتحليل الحقائق المتعلقة بالموقف والتصرف الفعلي للطرفين. ويتم التعبير عن وجهات النظر وتحليلها ويتم أيضاً تحليلها بربطها بأحداث وتصرفات معينة وليس عن طريق ربطها باﻻستنتاجات أو بدارسة الدوافع.أما عن الطرف الثالث فله دور رئيسي في هذه العملية وهو دور صعب. ومسؤولية هذا الطرف هي ضرورة التوصل ﻻتفاق حول القواعد اﻷساسية للمناقشات التي تهدف ﻹظهار الحقائق وتقليل السلوك العدواني. ومن واجبه أيضاً مراقبة طرق التعبير عن وجهات النظر السلبية أثناء المناقشات وتشجيع الطرفين على تحديد المشاكل وتحديد أسبابها ودوافعها للوصول لحل مرضي للطرفين. كذلك فإن من واجب الطرف الثالث عدم التحيز ﻷي طرف من طرفي الخﻼف. وأخيراً يجب على الطرف الثالث تبني أسلوب اﻻستشارة الشخصية على النحو التالي:- أن يستمع وكله آذان صاغية.- يقوم بالمﻼحظة واﻻستماع في آن واحد.- يساعد الطرفين على فهم وتحديد المشكلة بتوجيه اﻷسئلة التي تتعلق بموضوع الخﻼف.- يتعرف على وجهات النظر ويسمح للطرفين بالتعبير عنها.- يساعد الطرفين ﻹيجاد الحلول البديلة للمشاكل.- يساعد الطرفين على تطوير الخطط التنفيذ وتوفير المشورة والمساعدة في حالة طلبها.خاتمةالخﻼف في حد ذاته كما أوضحنا ﻻ يمكن إنكار فالخﻼف مصاحب للتقدم والتغيير. وما يستحق أن نأسف عليه هو فشلنا في استخدام الخﻼف بطريقة بناءة. وليس هناك من شك في أن الحل العملي للمشاكل والمواجهة البناءة لها يساعد على حل الخﻼفات وفتح قنوات للمناقشة والسلوك التعاوني.ومنذ عدة سنوات كتبت " ماري باركر فوليت " وهي واحدة من الكتّاب الرواد في اﻹدارة – فكتبت شيئاً عن إدارة الخﻼفات والذي تصدق صحته اﻵن كما كانت في ذلك الوقت. وهذا الشيء هو( يمكن أن تساهم الخﻼفات في القضية العامة إذا تم حلها بالتكامل وليس عن طريق السيطرة أو التسوية)).
|